بيضاء.. عدا عدة ريشات سوداء بذيلها .. تحلق على ارتفاع منخفض للغاية من حوض السباحة الذى اسبح بة.. انظر اليها وابتسم .. وادرك من تحليقها المنخفض حول الحوض انها عطشى .. تهبط وتقف على حافة الحوض .. تتلفت حولها فى قلق .. اكاد المح خوفها مرئيا ماديا مجسدا امامى .
تحاول انا تخفض رأسها اكثلر من مرة لترتوى ببضع رشفات من المياة .. لكنها فى كل مرة تحجم .. تلمح هى العيون التى تترصد بها كما المحها انا .
كما اسمع الصيحات العابثة من بعض الشباب " يا سلام عليها محشية بالفريك "
ينقبض قلبى بشدة .. وانا المح بعض الشباب يخطو خارج الحوض متربصا محاولا الامساك بها .. .. ابدأ فى السباحة والاقتراب اكثر من موضعها.. تبدأ عيناى فى الالتماع بالدموع والاصرار معا .. رغبة قوية انتابتنى .. انى سابطش باى من يحاول المساس بها اكاد اجزم انى الوحيدة التى شعرت بها ككائن حى وليس كطبق شهى .
جل ما تبغاة هو بضع رشفات تروى بها عطشها .. تتغلب غريزة العطش على الخوف وتبدأ فى خفض رأسها .. لترتشف رشفات قصيرة .. سريعة .. متباعدة.
خاطر غريب مر بذهنى : هل ينعم هذا الكائن الملائكى ابدا بالامان ؟
كم وددت لو احتويتها فى صدرى ..و منحتها كل الشعور بالامان ..ان امنع عنها النظرات المتربصة .. الجشعة.. التى تبغى النيل منها .
تبغى ان ترتوى هى .. وامامها بركة مياة ضخمة .. لكنها لاتستطيع ان تروى عطشها كما ينبغى .. لا تستطيع ان تتلذذ باللحظات التى ترتشف فيها المياة لتزيل عنها بعضا من عطشها .. بل ان اكثر لحظات حياتها رعبا .. هى تلك التى تخفض فيها رأسها .. لترتشف بضع رشفات من المياة .. ففى تلك اللحظة التى تخفض فيها دفاعتها .. ربما تأتيها الرصاصة الغادرة التى تنهى حياتها .. ولعجبى خوفها ايضا .. فهل هذا افضل لها ؟
رما تكون اللحظة التى تروى فيها عطشها . هى اللحظة التى تمتد اليها يد غاشمة .. لتحيلها الى طبق شهى فى امعاء احدهم .
هل الموت افضل من الحياة دون امان ؟
.. كل هذة التساؤلات دارت بذهى فى زمن لا يتجاوز دقاقئق تعد على اليد الواحدة .
مع ارتجافتها المتكررة وحركاتها القلقة المرتعبة .. اشعر بتوحد رهيب معها .. اقتربت منها انا الان جدا .. وللحظة وجيزة رائعة تلاقت اعيننا .. نظرت الى مباشرة .. ونظرت الى عينيها السوداوتين بكل الحب والحنان فى اعماقى .
اقتربت انا جدا من حافة الحوض.. ولمحت اشاب الذى كان يطلق التعليقات الساخرة عليها . خارج الحوض .. يتربص بها فى حركات اشبة بالفهد الذى يتربص فريستة.
اتجهت تجاهة بقوة اكبر وانا اعتزم اثارة المشاكل .ولمرة اخيرة لا ادرى ان كانت وليدة الصدفة او متعمدة او حتى ان كانت تعنى اى شئ التفتت الية الحمامة للحظة .. ثم نظرت الى واخذت خطوة للامام باتجاهى .. ارتشفت رشفة اخيرة من الماء.. ثم حلقت مبتعدة.
ويوميا فى كل الايام التى قضيتها بالفندق .. يأتى الكائن الملائكى محلقا .. يهبط .. يتوتر .. يرتشف الرشفات السريعة من المياة .. يحلق مبتعدا .
تاركا التساؤل ذاتة عالقا بذهنى : هل يشعر هذا الكائن الملائكى يوما بالامان .؟